إقصاء جهة الشرق من روزنامة الجامعة الملكية للجيدو: حين تتحول الرياضة إلى رهينة الحسابات الشخصية

أصدرت الجامعة الملكية المغربية للجيدو، في نسختها المحدثة بتاريخ 7 أكتوبر 2025، البرنامج الوطني للموسم الرياضي 2025-2026، والذي يضم عشرات التظاهرات ما بين ندوات، دوريات وطنية، بطولات رسمية، وكؤوس كبرى.

لكن ما يلفت الانتباه ـ بل يثير الاستغراب والدهشة ـ هو الغياب التام لجهة الشرق ومدنها عن استضافة أي نشاط رسمي، سواء كان بطولة أو تظاهرة تكوينية أو منافسة وطنية.

رغم أن الجهة الشرقية، وعلى رأسها مدينة وجدة، تتوفر على بنيات تحتية رياضية من الطراز العالي: ست قاعات مغطاة في وجدة وحدها، وعدة قاعات متميزة في بركان، تاوريرت، الناظور، جرادة، والدريوش.

هذه المعطيات تجعل من جهة الشرق مؤهلة تنظيمياً ولوجستياً أكثر من العديد من الجهات التي نالت نصيب الأسد من البرنامج الجامعي.

إقصاء بنَفَسٍ شخصي؟

المتتبعون يرون أن هذا الإقصاء ليس صدفة، بل يأتي في سياق توترٍ قائمٍ منذ فترة بين رئيس الجامعة الملكية للجيدو ورئيس عصبة جهة الشرق، السيد امبارك شنيور، الذي لجأ إلى القضاء للدفاع عن حقه في الترشح لرئاسة الجامعة، منتقداً ما وصفه بـ«غياب الحكامة الجيدة والشفافية في التسيير».

وبدل أن يتم احتواء الخلاف في إطار المؤسسات والقوانين الرياضية، يبدو أن الجامعة ـ وفق ما يظهر من البرنامج الوطني ـ اختارت معاقبة جهة بكاملها، وإقصاء أطرها ومواهبها من احتضان البطولات الوطنية، وكأنها تسعى إلى تجفيف الحياة الرياضية في الجهة الشرقية كوسيلة للضغط أو الانتقام.

العدالة المجالية… شعار مغيّب

هذا الإقصاء يطرح سؤالاً جوهرياً حول العدالة المجالية داخل الجامعة الملكية للجيدو.

كيف يمكن تفسير تكرار اختيار مدن بعينها مثل الدار البيضاء، خريبكة، مكناس، المحمدية، والعيون، بينما تُقصى جهة بأكملها، رغم كفاءاتها وتاريخها الرياضي المشرف؟

إن هذا التوجه يعاكس تماماً الرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي جعل من خلق الثروة، وتشجيع الاستثمار، وتوفير فرص الشغل، وتذويب الفوارق الاجتماعية والمجالية ركائز أساسية في مشروعه التنموي المتكامل.

فكيف يُعقل أن تتعامل مؤسسة رياضية وطنية مع جهة الشرق بعقلية تمييزية تستحضر ممارسات استعمارية بائدة ” المغرب النافع و المغرب الغير النافع “، بينما التوجه الملكي قائم على الإنصاف والتوازن بين الجهات؟

بين مسؤولية الجامعة وصمت ممثلي الجهة

الأدهى من ذلك أن نائب رئيس الجامعة المنحدر من جهة الشرق ظل صامتاً أمام هذا الإقصاء الممنهج، وكأن الأمر لا يعنيه.

أين هو من الدفاع عن حق الجهة التي ينتمي إليها في تنظيم البطولات الرسمية؟

أين صوته في مواجهة هذه القرارات التي تضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص بين الجهات؟

خلاصة القول

ما وقع ليس مجرد قرار تقني لتوزيع المنافسات، بل هو مؤشر مقلق على تحوّل الرياضة إلى مجال لتصفية الحسابات الشخصية.

إن مسؤولية الجامعة الملكية المغربية للجيدو اليوم هي التحلي بروح المسؤولية والإنصاف، وإعادة النظر في هذا البرنامج الذي يقصي جهة بكاملها من المشاركة في إشعاع اللعبة وطنياً.

فالرياضة ليست ملكاً لأشخاص، بل ملك لجميع المغاربة، والشرق جزء لا يتجزأ من هذا الوطن، بتاريخ رجاله، وبطلاته، وبقاعاته التي احتضنت بطولات عربية وإفريقية ناجحة بشهادة الجميع.

حدث بريس