التحديات الاقتصادية في جهة الشرق: “أحمد المرس” يدعو لتحفيز المقاولات ودعم الشباب.

عقدت الهيئة المغربية للمقاولات، مساء الجمعة 29 نونبر الجاري، بمدينة وجدة بمقر مجلس جهة الشرق، ندوة جهوية تحت عنوان “الخريطة الاقتصادية بجهة الشرق.. فرص الاستثمار وبرامج دعم المقاولات”، بحضور مقاولين، وأصحاب مشاريع، وأرباب شركات ناشئة، بالإضافة إلى ممثلي مؤسسات القطاع الخاص، والإدارات العمومية. هذه الندوة تعتبر جزءًا من جهود الهيئة المغربية للمقاولات لتفعيل الشراكات وتوسيع أفق التعاون بين القطاعين العام والخاص، بهدف تعزيز بيئة الأعمال في مختلف جهات المملكة.
حسب بلاغ الهيئة، فإن اختيار الجهة الشرقية كمحطة تواصلية جديدة جاء بناءً على مبادئ الهيئة التي تهدف إلى تغطية جميع مناطق المملكة، وعلى وعيها العميق بأن الجهة الشرقية ستتحول، في غضون العشر سنوات المقبلة، إلى أحد المحاور الاقتصادية الاستراتيجية التي ستساهم في خلق فرص الشغل وتنمية الاستثمارات. يأتي هذا في وقت يشهد فيه ميناء الناظور غرب المتوسط، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس في 2010، تطورات متسارعة في أعمال التشييد والتجهيز، وهو ما يجعل من المنطقة وجهة واعدة في مجال التجارة والنقل البحري، مما سيسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني على مستوى الجهة.

ورغم هذه التحولات الطموحة، نبه البلاغ إلى أن مؤشرات التشغيل وخلق المقاولات في المنطقة ما تزال ضعيفة جدًا، وهو ما يتطلب تكثيف الجهود من السلطات العمومية، وبشكل خاص من مجلس جهة الشرق، لتشخيص الوضع الحالي و وضع استراتيجيات فعّالة لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها الجهة.
ولعل من أبرز هذه القضايا هي الاعتماد المفرط على الأنشطة الاقتصادية غير المهيكلة، التي كانت سائدة في الماضي، وهو ما يستدعي بالضرورة تغيير النمط الاقتصادي ودمجه في النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه جلالة الملك محمد السادس، والذي يركز على التنوع الاقتصادي والاعتماد على مشاريع استثمارية مستدامة.

وتطرق البلاغ أيضًا إلى أهمية تنمية ثقافة المقاولات بين الشباب، وتشجيعهم على الانخراط في القطاعات الاقتصادية المهيكلة من خلال فتح فرص التكوين المهني وتحفيز المبادرات الفردية التي من شأنها تعزيز القدرة على الابتكار والإنتاج.
كما تم التأكيد على أهمية التوجيهات الملكية بخصوص مدن المهن والكفاءات، التي يجب أن يقابلها تأطير فعال من الهيئة المغربية للمقاولات، من خلال توفير برامج تدريبية تتناسب مع احتياجات السوق، وتشجيع الشباب على الانتقال من الثقافة التقليدية المرتكزة على الانتظارية إلى ثقافة المبادرة الاقتصادية التي تخلق فرص العمل وتحفز الاستثمارات.

وفي هذا السياق، تطرقت الهيئة المغربية للمقاولات في الندوة إلى ضرورة إعادة النظر في شروط الاستفادة من التمويلات وبرامج الدعم الموجهة للمقاولات الصغيرة والشركات الناشئة، بما يتماشى مع قدرتها المالية والإجرائية، ويُسهل عليها الوصول إلى هذه البرامج دون تعقيدات بيروقراطية قد تساهم في تعطيل النمو الاقتصادي للمشاريع.

وأثناء فتح باب النقاش، عبر العديد من المتدخلين، ومن بينهم “أحمد المرس”، *صاحب شركة A.A.T للنقل الدولي والتصدير والاستيراد*، عن استيائهم من طول مدة الإجراءات القانونية والبطئ في المسلسل الزمني للبرامج التي تعرقل سرعة إنجاز المشاريع. وقد أكد “أحمد المرس” في مداخلته على ضرورة تفعيل الجهوية الموسعة، وتكريس مفهوم المسؤولية الجهوية والمحلية بشكل فعّال. وأوضح أن تعزيز دور المسؤولين الجهويين والمحليين في اتخاذ القرارات سيساهم بشكل كبير في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع في الجهة الشرقية، لا سيما في ظل تزايد معدلات البطالة في المنطقة. كما أشار إلى أهمية تعزيز دور الشباك الموحد وترشيد الموارد المالية بشكل يتماشى مع حاجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مؤكدًا أن الجهة الشرقية بحاجة إلى تكثيف الجهود المحلية لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وكان “أحمد المرس” قد أبدى أسفه الشديد لغياب ممثلين عن مجلس جهة الشرق ومركز الاستثمار خلال هذه الندوة، حيث اعتبر أن حضورهم كان سيكون له الأثر الكبير في فتح نقاش عملي حول سبل تفعيل السياسات الاقتصادية التي من شأنها النهوض بالجهة الشرقية.
من جهة أخرى وفق البلاغ الذي أصدرته الهيئة المغربية للمقاولات، أوصى “رشيد الورديغي”، رئيس الهيئة المغربية للمقاولات، بضرورة تقديم تسهيلات كبيرة في الولوج إلى العقارات المعبأة من قبل الدولة، مبرزًا أهمية دعم الشركات الكبرى في الوصول إلى المناطق الصناعية والخدماتية المؤهلة والمجهزة. كما دعا إلى تعميم تجربة تكنوبارك وزيادة إنشاء حاضنات المقاولات في جميع المدن والأقاليم المغربية، وهو ما سيساعد على تنمية روح المبادرة في القطاع الخاص.
كما أكد “رشيد الورديغي” على ضرورة استفادة المقاولات الصغرى من برامج التكوين المستمر، حيث أشار إلى أن الشركات تدفع اشتراكات لصندوق التكوين المهني، لكن هذه البرامج تكتنفها صعوبات إجرائية ومساطر معقدة. ودعا إلى ضرورة تيسير هذه الإجراءات لتشجيع المقاولات الصغيرة على الاستفادة من هذه البرامج وتنميتها.
وفي الختام، وجه “رشيد الورديغي” ملتمسًا إلى رئيس الحكومة، داعيًا إلى تبني سياسات عمومية قادرة على ترجمة التوجهات الملكية السامية في مجال التنمية الاقتصادية، والتي تدعو إلى بناء اقتصاد متنوع وقائم على نسيج متين من المقاولات. وأكد على ضرورة أن يساهم جميع الفاعلين، سواء في الحكومة أو المجتمع المدني، في تطوير قدرات الرأسمال البشري، ومنحه المهارات والكفاءات اللازمة التي تمكنه من مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق طموحات الشعب المغربي في الاستقلالية الاقتصادية والإنتاج المستدام.

ريف ديا/// متابعة