تصاعدت حدة التوتر الدبلوماسي بين الجزائر وفرنسا بشكل ملحوظ في الأيام الأخيرة، وذلك على خلفية استدعاء وزارة الخارجية الجزائرية للسفير الفرنسي ستيفان روماتي، لتوجيه تحذير شديد اللهجة بسبب ما وصفته بـ«ممارسات عدائية» تهدد استقرار الجزائر.
وأثار هذا الاستدعاء جدلا واسعا، والذي جاء في أعقاب سلسلة من الأحداث والتصريحات التي كشفت عن وجود أزمة عميقة بين البلدين، حيث اعتبر وليد كبير، الناشط السياسي والإعلامي الجزائري المقيم في وجدة، أن هذا التوتر ليس وليد اللحظة، بل يعود إلى أشهر من التوتر المتصاعد، خاصة بعد اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء.
وأوضح وليد في تصريح هاتفي مع le360، أن الاستدعاء لم يصدر عنه بيان رسمي من الخارجية الجزائرية، بل تناولته صحف محلية مثل « الخبر » و »لو سوار دالجيري »، وصحيفة « المجاهد » الحكومية، مشيرا إلى أن الصحف الجزائرية المقربة من النظام تحدثت عن تواصل المخابرات الفرنسية مع أطراف وعناصر، اعتبرتها معادية للدولة الجزائرية.
وأضاف كبير في الاتصال ذاته، أن هذا جاء بعد أسبوع من بث تقرير تلفزيوني في التلفزيون العمومي الجزائري حول ما سمته « توظيف إرهابيين جزائريين أو محاورة أحد الإرهابيين العائدين من سوريا والعراق »، كاشفا أن هناك تحفظات جزائرية، وعتب على جهاز الأمن الخارجي الفرنسي (الاستخبارات)، حيث تتهم الجزائر الأجهزة الفرنسية الأمنية بالتواصل مع أفراد داخل الجزائر تتحفظ عليهم السلطات الجزائرية. مبينا أن هذه الاتهامات تتطلب خطوات أكثر من مجرد استدعاء سفير، خاصة وأن الجزائر لم تصدر بياناً رسمياً حتى الآن.
وفي سؤال لـle360، حول سبب عدم إصدار الجزائر بياناً رسمياً حول هذا المستجدات، استغرب كبير هذا الامتناع من الخارجية الجزائرية، معتبرا أن هذا الصمت يشير إلى ضبابية وارتباك في تعامل الخارجية الجزائرية مع العلاقات مع فرنسا، متسائلا عن أسباب عدم تكرار الجزائر لنفس الخطوة التي اتخذتها مع المغرب في 2021، عندما اتهمت المغرب بالتخطيط لحرق غابات منطقة القبائل.
ويرى كبير أن الغاية الأولى من هذه الخطوات، خاصة عبر الصحف المحلية، هي توجيه رسالة للداخل الجزائري الذي لم يقم النظام بإقناعه، مضيفا أن النظام يبحث عن أي شيء يسوقه كي يقنع الجزائريين بخطابه، خاصة في ظل ضعف الجبهة الداخلية، إضافةً إلى محاولته الضغط على فرنسا للتراجع عن قرارها التاريخي بشأن الصحراء المغربية، مشددا على أن العلاقات الفرنسية الجزائرية تمر بمرحلة حساسة، حيث تتعمق الأزمة بين البلدين.
وبيَّن المعارض الجزائري أن النظام الجزائري يريد الذهاب أبعد مما ذهب إليه، لكنه لا يعلم كيف ومتى، مستبعِداً أن تقدِم الجزائر على طرد السفير الفرنسي نظراً لتعقيد العلاقات، وتواجد أكثر من 7 ملايين جزائري في فرنسا، وأكثر من 5 ملايين جزائري يحملون الجنسية الفرنسية.
وبخصوص مستقبل العلاقات بين الجزائر وباريس، أكد وليد كبير على أن النظام الجزائري يحاول تكرار نفس السيناريو الذي اتبعه مع إسبانيا، لكن هذه الخطوات لن تجدي نفعاً، مشددا على أن فرنسا لن تتراجع عن قرارها السيادي بشأن الصحراء المغربية، مما يبقي مستقبل العلاقات بين البلدين غير واضح في ظل تصاعد التوتر وتبادل الاتهامات.
تحرير من طرف محمد شلاي – le360.