تعديلات قانونية مرتقبة لتنظيم التجارة الإلكترونية وحماية المستهلك في المغرب

متابعة / بلال شكلال

يشهد المغرب تحيينًا جديدًا لقانون حماية المستهلك، حيث تسعى الحكومة إلى إدخال تعديلات تهدف إلى تعزيز حماية المستهلك وتنظيم قطاع التجارة الإلكترونية، الذي يشهد نموًا متسارعًا في السنوات الأخيرة.

تشكل التجارة الإلكترونية في المغرب مجالًا مليئًا بالمخاطر التي تهدد المستهلكين والاقتصاد على حد سواء، أبرزها الإشهارات المزيفة، الاحتيال، بيع مواد ممنوعة، الوعود الكاذبة، وسرقة الأموال، إلى جانب تهرب ضريبي واسع النطاق. وللتصدي لهذه التحديات، تعمل الحكومة على تحديث قانون حماية المستهلك ليشمل مقتضيات جديدة، أبرزها تعريف المنصات الإلكترونية وإلزامها بالكشف عن هويتها، تعيين مسؤولين قانونيين في المغرب للمنصات الأجنبية، وتشديد الرقابة على السلع المتداولة إلكترونيًا. كما تسعى التعديلات إلى إلزام المنصات بالإفصاح عن الأرباح ودفع الضرائب والجمارك، مع تعزيز العقوبات على الأنشطة غير القانونية، مما يهدف إلى تنظيم الفضاء الرقمي وحماية المستهلكين.


وفقًا لتصريحات رياض مزور، وزير الصناعة والتجارة، أن النسخة المحينة من قانون حماية المستهلك، التي تشمل التجارة الإلكترونية، قد أُحيلت إلى الأمانة العامة للحكومة. وأكد أن هذا التحيين ضروري للتعامل مع “الظواهر الخطيرة المستجدة” التي تضر بالمستهلكين في الفضاء الرقمي.

وفقًا لتصريحات وزير الصناعة، فإن قطاع التجارة الإلكترونية في المغرب نما بنسبة 88%، وبلغ حجم المعاملات خلال العام الماضي حوالي 22 مليار درهم. ويرجع جزء كبير من هذا النمو إلى جائحة كورونا عام 2022، التي دفعت المواطنين إلى استخدام المنصات الإلكترونية لتلبية احتياجاتهم اليومية خلال فترة الحجر الصحي.

تصريحات وزير الصناعة جاءت في سياق مناقشة مشروع قانون الميزانية داخل مجلس النواب. حيث تعمل لجنة المالية والتنمية الاقتصادية على إدخال التعديلات النهائية على المشروع

جمعيات حماية المستهلك رحّبت بهذه المبادرة، واعتبرتها خطوة لتعزيز النصوص القانونية وتنظيم الفضاء الرقمي بما يحمي المواطنين من عمليات الاحتيال التي أصبحت شائعة في التجارة الإلكترونية.

جمعيات حماية المستهلك عبّرت عن تفاؤلها بالتعديلات، إذ دعت منذ سنوات إلى وضع قوانين صارمة تحمي المواطنين من عمليات النصب والاحتيال التي تُمارس عبر منصات وصفحات مجهولة الهوية. في كثير من الحالات، يقتصر التواصل مع الزبون على رقم هاتف يتم إغلاقه بمجرد وقوع عملية الاحتيال.

بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أوضح أن التجارة الإلكترونية تحتاج إلى مواكبة قانونية تسد جميع الثغرات التي يستغلها المحتالون. وأكد أن شكايات عديدة من المواطنين وصلت إلى الجمعيات بشأن النصب في عمليات الشراء، سواء بسبب تزييف المنتجات أو الاحتيال المباشر.

وديع مديح، رئيس جمعية حماية المستهلك “UNICONSO”، أشار إلى أن التشريعات الحالية غير كافية. وشدد على أن صعوبة تحديد هوية البائعين في بعض الحالات تعرقل تطبيق القوانين، مما يؤدي إلى تراكم حالات النصب وزعزعة ثقة المستهلكين في التجارة الإلكترونية.

التعديلات المرتقبة تشمل إلزام المنصات الإلكترونية بالكشف عن هويتها، وخاصة المنصات الأجنبية التي ستُطالب بتعيين مسؤولين عنها في المغرب لضمان التواصل مع الجهات المغربية. كما ستشدد هذه القوانين على مكافحة الاحتيال وإغلاق الصفحات غير القانونية التي تفتقر للشفافية، وتُفرض رقابة صارمة على الأنشطة التجارية الإلكترونية لضمان حماية المستهلك.