“جرادة.. طاقة جديدة بجهة الشرق”.. كتاب يوثق تاريخ مدينة الفحم ويستشرف مستقبلها.

سلط الكبير حنو، مدير قطب التنمية بوكالة جهة الشرق، الضوء على أحدث إصدارات الوكالة ضمن فعاليات معرض الكتاب المنظم حاليا بالرباط. ويتعلق الأمر بكتاب: “جرادة.. طاقة جديدة بجهة الشرق”، الذي يروي قصة مدينة نشأت من العدم على إيقاع اكتشاف الفحم الحجري، وعرفت ازدهاراً كبيراً قبل أن تواجه تحديات ما بعد إغلاق المنجم.

وأوضح حنو أن هذا الكتاب، وهو الرابع عشر ضمن سلسلة إصدارات “جميلة” تهدف إلى “التسويق الترابي” لمختلف مكونات جهة الشرق، يقدم سرداً تاريخياً لمدينة جرادة منذ نشأتها حتى وقت قريب.

وكشف حنو أن نشأة جرادة لم تكن مسبوقة بأية بوادر لمدينة قائمة، بل ارتبطت باكتشاف منجم الفحم الحجري عن طريق الصدفة من قبل جيولوجي بلجيكي كان والده يعمل حارساً للغابات بالمنطقة، حيث لاحظ الجيولوجي آثاراً لمنجم في بعض الحجارة، وبعد تحليلها في مختبر ببلجيكا، تأكد وجود الفحم بكميات تجارية.

وأضاف حنو: “بعد ذلك، دخل الفرنسيون واشتروا رخصة الاستغلال من البلجيكيين، وبدأوا في استغلال المنجم”، وخلال هذه الفترة، شهدت جرادة عصراً ذهبياً، حيث كانت تساهم بأكثر من 18% من الإنارة الوطنية، وأصبحت مركز جذب للسكان من مختلف مناطق الجهة الشرقية، حتى أُطلق عليها لقب “سويسرا جهة الشرق”.

ولم يقتصر الازدهار على الجانب الاقتصادي، بل شمل أيضاً الحياة الثقافية، حيث عرفت المدينة، وفقاً لحنو، نشاطاً مسرحياً مزدهراً لم يكن له مثيل في مدن أخرى آنذاك، وأنشئ بها أول مركز ثقافي عصري بالجهة، والذي كان مقره كنيسة قديمة تم ترميمها لاحقاً.

وأشار مدير قطب التنمية بوكالة جهة الشرق إلى أن تاريخ جرادة ارتبط أيضاً بزيارات ملكية مهمة، حيث زارها جلالة المغفور له الملك محمد الخامس مرتين، كما زارها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني مرة واحدة، ونزل خلالها إلى قعر بئر المنجم مرتدياً زي العمال للاطلاع على ظروف عملهم، وهي بادرة غير مسبوقة في البروتوكول الملكي آنذاك، أعطى بعدها توجيهاته للنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمنجميين.

واستمر الاهتمام الملكي بالمدينة مع تولي الملك محمد السادس العرش، حيث قام بخمس زيارات لجرادة، أعطى خلالها الانطلاقة أو دشن مشاريع سوسيو-اقتصادية هامة، سواء عبر مؤسسة محمد الخامس للتضامن، أو في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، بهدف خلق أنشطة بديلة بعد إغلاق المنجم الذي أدى إلى تدهور اقتصادي واجتماعي.

وأكد حنو أن وكالة جهة الشرق انخرطت بقوة في هذا المسار التنموي، تماشياً مع التوجيهات الملكية، حيث قامت بربط اتصالات مع المجتمع المدني، وباتفاق معه، مولت الوكالة عدداً كبيراً من المشاريع المدرة للدخل التي وفرت فرص عمل، خاصة لفائدة الشباب والنساء، كما ساهمت في إنجاز مشاريع ثقافية وتربوية، من ضمنها إعادة تهيئة وترميم المركز الثقافي القديم (الكنيسة سابقاً)، وتجهيزه ليعيد الإشعاع الثقافي للمدينة والجهة.

ويعتبر كتاب “جرادة.. طاقة جديدة بجهة الشرق” أداة لتوثيق هذا التاريخ الغني والمعقد، ومساهمة في التعريف بمؤهلات المدينة وجهود إعادة إحيائها، بما يتماشى مع هدف الوكالة في الترويج لمختلف أقاليم جهة الشرق.

تحرير من طرف محمد شلاي – le360