حين تُصبح الأفاعي أكثر أمانًا من البشر!

أخبار الشرق

في زمن انقلبت فيه القيم، لم تعد لدغة الأفعى أكثر ما يُخشى… بل أصبح الإنسان هو مصدر السمّ الحقيقي. فكم من ضحايا سقطوا ليس بخيانة الطبيعة، بل بخبث الطبيعة البشرية! تنمّرٌ متوحّش، تشهيرٌ مجانيّ، حسدٌ يكاد يُحرق أصحابه قبل غيرهم، وقلوبٌ يملؤها الغلّ أكثر مما تملؤها الرحمة.

كنا نهاب الأفاعي في البراري، واليوم نخاف من زملاء العمل، من الجيران، بل أحيانًا من أقرب الناس إلينا. أصبحنا نلجأ للطبيعة لنستريح من أذى الإنسان. صارت الأفعى، التي طالما اعتبرت رمزًا للخبث، أكثر وضوحًا وأقل خيانة من كثير من البشر الذين يتقنون الطعن من الخلف وهم يبتسمون.

في عصر “السوشيال ميديا”، لم تعد الكلمات تُقال لتواسي، بل لتُوجّه كرصاص قاتل في شكل تنمّر وتعليقات ساخرة وفضائح تُصنع وتُنشر بدم بارد. لم يعد البشر يتوقفون لحظة ليسألوا: من نحطّم؟ بل يتسابقون: من التالي؟

لقد تجاوزت لذعات الإنسان حدود السمّ. الأفاعي تلسع لتعيش، أما بعض البشر فيلسعون فقط ليستمتعوا. يسحقون الآخرين بدافع الحسد أو الانتقام أو لمجرد التسلية.

أي عالم هذا الذي أصبحت فيه الأفاعي تُخيفنا أقل من بني البشر؟

إنه زمن يحتاج لإعادة نظر… فالحياة فقدت شيئًا من أمانها حين فقد الإنسان شيئًا من إنسانيته.