أخبار الشرق / بلال شكلال
أطلقت سفارة المملكة المغربية في واشنطن فيلمًا وثائقيًا جديدًا على منصة “يوتيوب”، يسبر أغوار العلاقة المميزة التي تجمع المغرب والولايات المتحدة. الفيلم، الذي جاء ليعرّف الجمهور بتفاصيل هذه الشراكة، يعتمد على معطيات تاريخية ودبلوماسية تسلط الضوء على أوجه التعاون التي امتدت عبر قرون، والتحديات والإنجازات التي عززت الروابط بين البلدين.
بداية تاريخية رائدة
وفق ما كشف عنه الفيلم، لعب المغرب دورًا رياديًا في التاريخ الدبلوماسي الأمريكي، عندما كان أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة عام 1777. هذا الاعتراف المبكر أسس لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية، تُوجت بتوقيع معاهدة السلام والصداقة المغربية-الأمريكية عام 1787، التي أتاحت للسفن الأمريكية الإبحار بأمان عبر المياه المغربية، مما عزز حركة التجارة العابرة للأطلسي.
محطات بارزة في القرن العشرين
يتطرق الوثائقي أيضًا إلى الأدوار الحاسمة التي لعبها المغرب خلال الحرب العالمية الثانية. فقد شهدت الدار البيضاء في عام 1943 انعقاد مؤتمر أنفا التاريخي، حيث التقى الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل لوضع استراتيجية حاسمة لهزيمة النازية. كما شكلت زيارة السلطان محمد الخامس إلى الولايات المتحدة عام 1957 انطلاقة جديدة لشراكة استراتيجية، ظلت تتطور تحت قيادة الملك الحسن الثاني والملك محمد السادس.
مرحلة التعاون الاستراتيجي الحديث
يعرض الفيلم كيف أصبح المغرب، بموقعه الاستراتيجي عند تقاطع إفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، شريكًا محوريًا للولايات المتحدة. ومن أبرز المحطات في هذا السياق، إنشاء الحوار الاستراتيجي بين البلدين عام 2012 لتعزيز التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد. كما أشار الوثائقي إلى اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية عام 2020، وهو ما اعتُبر تحولًا نوعيًا في مسار العلاقات الثنائية.
التعاون الأمني والعسكري
بحسب الوثائقي، يعد المغرب شريكًا موثوقًا في تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة التحديات الأمنية. فمن خلال تنظيم مناورات “الأسد الإفريقي” العسكرية سنويًا بالتعاون مع الولايات المتحدة، يساهم البلدان في تعزيز القدرات الدفاعية المشتركة. كما يبرز الفيلم التزام المغرب بدعم الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب والمشاركة في بعثات حفظ السلام.
دفع عجلة الاقتصاد والتبادل التجاري
يخصص الوثائقي مساحة للحديث عن اتفاقية التجارة الحرة الموقعة عام 2004، التي ساهمت في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز الاستثمارات الأمريكية في المغرب، ليصبح بوابة استراتيجية للأسواق الإفريقية.
التبادل الثقافي والروابط الإنسانية
لم يغفل الوثائقي الإشارة إلى الدور الثقافي والإنساني في تعزيز العلاقة الثنائية. فمن المفوضية الأمريكية التاريخية بطنجة، التي تعد رمزًا للتواصل الثقافي، إلى التأثير الإيجابي للجالية المغربية في الولايات المتحدة، يبقى البعد الإنساني عنصرًا محوريًا في هذه الشراكة.
يختتم الفيلم الوثائقي بالإشارة إلى أن العلاقات المغربية-الأمريكية ليست مجرد شراكة سياسية أو اقتصادية، بل هي نموذج للتعاون القائم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة. ومع استمرار البلدين في العمل معًا لتحقيق السلام والازدهار، يظل المستقبل واعدًا لمزيد من الإنجازات.
الفيلم الوثائقي يمثل شهادة حية على العلاقة المتينة بين البلدين، حيث يجمع بين سرد دقيق للأحداث التاريخية ورؤية واضحة للتحديات والفرص التي يحملها المستقبل.