في زوايا المقاهي وتحت أضوائها الخافتة، يقف النادل – ذاك الإنسان البشوش في الظاهر، المنهك في العمق – يخفي خلف ابتسامته اليومية وجعًا لا يراه أحد. نادل المقهى ليس مجرد شخص يُقدِّم القهوة والشاي، بل هو مرآة لواقع شاق، عنوانه “الحق المهضوم والعمل غير المنصف”.
كيف لنادلٍ أن يستمر في العطاء، وهو يتقاضى أجرًا لا يكفي لتأمين ضروريات الحياة؟ كيف يُطلب منه أن يُجيد المعاملة بابتسامة دائمة، فيما هو يشتغل لساعات طويلة تفوق ما هو متعارف عليه دوليًا، دون راحة، دون حماية، ودون حتى الحد الأدنى من الكرامة المهنية؟
إنه يعمل دون توقيع عقد، بلا تأمين صحي، بلا انخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. يُقصى من كل الحقوق التي تضمنها القوانين، ويُترك فريسة للاستغلال، في صمتٍ مطبقٍ من أرباب العمل، وغضّ طرفٍ من الجهات الرقابية.
آن الأوان لنرفع الصوت عاليًا:
كرامة نادل المقهى من كرامة المجتمع.
وضمان حقوقه مسؤولية مشتركة.
لا عدالة اجتماعية دون إنصاف هؤلاء الجنود المجهولين الذين يَسهرون من أجل راحتنا، بينما تُهدَر حقوقهم في العلن.
كلنا مع النادل….و لنا عودة في الموضوع.