مسرح محمد السادس: عرض فيلم “الكونت دي مونت كريستو”.

ودة إلى الموضوع:

المكان: مسرح محمد السادس

الزمان: الخميس 5 دجنبر 2024، الساعة السابعة والنصف مساءً

الحدث: عرض فيلم الكونت دي مونت كريستو

شهد مسرح محمد السادس في هذه الأمسية عرضًا سينمائيًا استثنائيًا جمع أكثر من 900 متفرج من الطلبة، الأساتذة، الأطر، والمثقفين، حيث جلس الجميع لقرابة ثلاث ساعات في صمت مهيب، مسحورين بتفاصيل فيلم أضاء الشاشة الكبيرة وترك بصمته في الذاكرة الجماعية للحاضرين.

بعد التحفة السودانية وداعًا جوليا، التي أبهرتنا خلال الدورة الثالثة عشرة من المهرجان الدولي المغاربي للفيلم، اعتقدت أنني لن أشاهد في المستقبل القريب عملًا آخر يمكنه أن ينافس ذلك الانطباع القوي. لكن، ليلة الخامس من دجنبر أثبتت العكس. فيلم الكونت دي مونت كريستو كان تحفة سينمائية بكل المقاييس، يحمل في طياته القيم الإنسانية التي تحاكي النفس البشرية، بين الوفاء والخيانة، الجمال والبؤس، الظلم والعدالة، الحب والكراهية، الحرب والسلام، التاريخ والحضارة.

أظهرت حركات الكاميرا انسجامًا مذهلًا مع الأحداث، حيث التقطت المشاهد بدقة مدهشة تضفي بعدًا جماليًا لكل لقطة. الإطارات كانت مدروسة بعناية، لتبرز قوة المشاهد سواء في لحظات الصراع أو السكينة.

الكاستينغ: اختيار الممثلين كان عبقريًا؛ كل شخصية بدت وكأنها خُلقت خصيصًا للدور الذي أدته، حيث تجلت براعتهم في التعبير عن المشاعر الإنسانية العميقة بطريقة طبيعية وآسرة.

وقد أبدع المخرج في تحويل رواية ألكسندر دوما إلى عمل سينمائي حي يتدفق بالطاقة والعواطف، مع الحفاظ على روح النص الأصلي وجمالياته.

الموسيقى التصويرية كانت ضربًا من الخيال، تعزز اللحظات الدرامية وتضفي لمسة سحرية على المشاهد، لتصبح بحد ذاتها شخصية موازية تسرد القصة.

أغنية الفيلم كانت قطعة فنية مستقلة، تحمل في كلماتها وألحانها صدى الأحداث وتجسد روح العمل.

الفيلم ليس مجرد قصة انتقام، بل هو استعراض عميق للمعاني الإنسانية والقيم الأخلاقية:

العدالة مقابل الظلم وكيف يمكن لقوة الإرادة أن تنتصر في وجه الطغيان، وكيف يكون الانتقام أداة لتحقيق التوازن.

الوفاء والخيانة حيث قدم الفيلم دراسة مؤثرة في العلاقات الإنسانية، بين الخيانة التي تدمر والوفاء الذي يحيي.

الحب والكراهية وتلك القوة المزدوجة التي تدفع الشخصيات للتحرك وتُظهر مدى تعقيد النفس البشرية.

الحرب والسلام حيث نجد في خلفية الأحداث، صراعًا أزليًا بين التدمير والبناء، وبين العنف والهدوء.

التاريخ والحضارة، لقد أضاء الفيلم على حضارة فرنسا بجمالياتها، كأنها نافذة إلى عصر ذهبي من الفكر والإبداع.

وقد كان الجمهور الحاضر ذلك البطل الآخر

فإلى جانب أبطال الفيلم ، كان هناك بطل آخر لا يقل أهمية، هو جمهور نوعي جلس لقرابة ثلاث ساعات مستمتعًا بكل لحظة. هذا الحضور المكثف والالتزام يثبت أن الجمهور المحلي يمتلك ذوقا فنيا عاليا وقدرة على تقدير الفن الرفيع.

نريد لسينما الخميس أن تصبح نافذة على الإبداع الوطني والعالمي

برنامج “سينما الخميس” الذي يُتيح للجمهور مشاهدة فيلم كل آخر خميس من الشهر، يُعد فرصة ذهبية لتعزيز الثقافة السينمائية وإعادة الروح إلى قاعات العرض. ليلة الخامس من دجنبر ستبقى خالدة، ودعوة مفتوحة للبقاء معنا لاستكشاف المزيد من روائع السينما الوطنية والعالمية.

Khalid Sli