من الاحتجاج إلى الاحتفال… المغرب أقوى من المتربصين

في الأسابيع الأخيرة، شهدت الساحة المغربية تفاعلات اجتماعية غير مسبوقة، عبر من خلالها المواطنون، ولا سيما الشباب، عن وعي ناضج وتطلعات مشروعة نحو إصلاح شامل يمسّ قطاعات التعليم، والصحة، والعدالة الاجتماعية.

كانت هذه التحركات تعبيرًا صادقًا عن نبض الشارع المغربي، وعن روح المسؤولية التي باتت تميز جيلًا جديدًا من الشباب المؤمن بالإصلاح في إطار الاستقرار.

غير أن هذا الحراك السلمي والناضج لم يخلُ من محاولات التشويش والتوظيف المغرض. فقد تحركت، في الظل، أدوات الفوضى المعهودة: صفحات مشبوهة، حسابات وهمية، وقنوات خارجية معادية، حاولت ركوب الموجة وتحويل مطالب الإصلاح إلى وقود لخطاب تحريضي يهدف إلى بث الفتنة وزعزعة الاستقرار.

ورغم هذه المحاولات البائسة، جاء الرد المغربي عمليًا ومهيبًا.

فمساء أمس الأربعاء، خرج المواطنون إلى الشوارع والساحات، لا للاحتجاج هذه المرة، بل للاحتفال بفوز المنتخب الوطني المغربي لأقل من 20 سنة على نظيره الفرنسي، وتأهله التاريخي إلى نهائي كأس العالم للشباب.

كانت لحظة وطنية بامتياز، اختلطت فيها الأهازيج بالأعلام، والفرح بالانتماء، في مشهد جسّد وحدة المغاربة حول حب الوطن والمنتخب.

في تلك اللحظة، سقطت كل الأقنعة. فكيف لوطن يجتمع شعبه على الفرح والاعتزاز أن يخترق بخطابات الفتنة الصادرة من وراء الشاشات؟

أثبت المغاربة مجددًا أنهم يملكون من الوعي والتمييز ما يجعلهم يفرقون بين النضال الحقيقي من الداخل، وبين المؤامرات الخارجية التي لا تمت لمصالح الشعب بصلة.

إن ما يحدث اليوم في المغرب هو معادلة فريدة: احتجاج من أجل الإصلاح، واحتفال من أجل الانتصار.

معادلة مغربية خالصة أذهلت خصوم الوطن، وأربكت حسابات من لا يدرك أن وعي الشعوب هو الحصن الحقيقي أمام كل محاولات الاختراق والتضليل.

المغرب، برغم كل التحديات، ماضٍ بثقة نحو المستقبل، مؤمن بعدالة قضيته ووحدة شعبه خلف ثوابته الوطنية.

وإذا كان البعض يراهن على التشويش، فإن الواقع يبرهن أن المغاربة لا يبيعون انتماءهم، ولا يقايضون حبهم للوطن.

ولا عزاء للمتربصين…

فهذا الوطن لا يراد له سوى النماء والازدهار، لا الفوضى والخراب.

ماتش بريس